تقارير

من الزرادشتية إلى العصر الحديث.. كيف أصبح النوروز عيدًا عالميًا؟

كتب: هاني كمال الدين  

يُعرف عيد النوروز بأسماء متعددة، مثل “نوروز، نيفروز، نووروز، نيروز، نَورِيز” ويعني “اليوم الجديد”، وهو احتفال يمتد لأكثر من 3000 عام، حيث تعود جذوره إلى الديانة الزرادشتية ويصادف يوم الاعتدال الربيعي في 20 أو 21 مارس. يُعتبر النوروز رمزًا لوحدة الثقافات المختلفة في إيران وآسيا الوسطى والقوقاز والبلقان، ويجسد تداخل العادات والتقاليد التي تتمحور حول التجدد والتفاؤل.

أصل النوروز وتاريخه العريق

يرجع أصل النوروز إلى الإمبراطورية الفارسية القديمة والتقويم الزرادشتي، حيث كان يعتبر من أقدس الأيام في السنة، إذ يرمز إلى انتصار النور على الظلام وبداية حياة جديدة. ومع مرور الزمن، أصبح عيدًا عالميًا تحتفي به مجتمعات متنوعة بغض النظر عن خلفياتها الدينية أو الثقافية. ورغم اختلاف الطقوس من بلد لآخر، فإن فكرة البدايات الجديدة والاحتفال بالحياة تبقى العنصر المشترك في جميع الاحتفالات.

النوروز: رمز للوحدة والتنوع الثقافي

لا يقتصر النوروز على كونه مجرد احتفال ببداية الربيع، بل يحمل رسالة أعمق تتعلق بتقوية الروابط بين الناس وإحياء القيم الإنسانية المشتركة. فهو مناسبة تعكس التنوع الثقافي مع الحفاظ على جوهرها الروحي. يُحتفى به في العديد من الدول والمجتمعات من خلال تقاليد مثل تنظيف المنازل، وتحضير موائد خاصة، وإشعال النيران، والقفز فوقها كرمز للتخلص من الطاقات السلبية واستقبال الطاقة الجديدة.

الاعتراف العالمي بعيد النوروز وأهميته في العصر الحديث

النوروز في منظمة الأمم المتحدة

حاز النوروز على اعتراف عالمي، حيث أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2009، مؤكدة على أهميته في تعزيز الحوار بين الثقافات وفهم القيم الإنسانية المشتركة. وفي عام 2010، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 مارس يومًا عالميًا للنوروز، مما يعكس مكانته كاحتفال يعزز روح السلام والتجدد والتضامن بين الشعوب.

النوروز كجسر للسلام والتنوع الثقافي

في عالم يشهد تغيرات سريعة، يظل النوروز رمزًا للتراث الثقافي المشترك، يعزز قيم التسامح والوحدة، ويؤكد على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في إطار التنوع العالمي. فهو ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل فرصة لتعزيز الحوار بين الشعوب والتأكيد على قيم التجدد والانفتاح.

تقاليد النوروز: احتفالات تعكس روح التجدد والفرح

يشتهر النوروز بالعديد من التقاليد العريقة التي تعكس فلسفة التجدد، ومن أبرزها:

  • تنظيف المنازل: استعدادًا لبداية جديدة، يتم تنظيف المنازل وتجديد الديكورات كرمز لطرد السلبيات واستقبال الإيجابيات.

  • مائدة “هفت سين”: تُعد مائدة تحتوي على سبعة عناصر تبدأ بحرف السين في الفارسية، مثل التفاح (سيب) والخل (سركه) والسمسم (سمنو)، وكل منها يحمل دلالات رمزية مثل الصحة والازدهار والسعادة.

  • القفز فوق النار: تقليد يُعرف باسم “چهارشنبه‌سوري”، يُمارس ليلة الأربعاء الأخير قبل النوروز، حيث يقفز المحتفلون فوق النيران كرمز لترك الماضي خلفهم.

  • الاحتفالات والولائم: تُقام مهرجانات في الشوارع، وتُقام مأدب احتفالية، حيث يجتمع الناس لمشاركة الطعام والفرح.

النوروز: أكثر من مجرد احتفال زمني

يمثل عيد النوروز مزيجًا من التاريخ العريق والتقاليد الحية، حيث يمتد تأثيره إلى ملايين الأشخاص حول العالم، مجسدًا القيم الإنسانية العالمية التي تتجاوز الحدود. إنه ليس مجرد قدوم للربيع، بل تجسيد لرغبة الإنسان الدائمة في التجدد والسلام والازدهار.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من العربي للعدل والمساواة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading