مسجد أبو العباس المرسي: معلم تاريخي وديني في الإسكندرية

صابرين محمد
يُعد جامع أبو العباس المرسي، أو كما يُطلق عليه أهل الإسكندرية “جامع المرسي أبو العباس”، واحدًا من أقدم وأشهر المساجد في مدينة الإسكندرية، وهو من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في المنطقة.
ويتميز المسجد بقبابه المميزة وشكله المعماري الرائع، ويُعتبر من أهم المعالم في منطقة أبو العباس بمنطقة بحري في المدينة.
نبذة عن الشيخ أبو العباس المرسي:
يضم المسجد ضريح الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن بن علي الخزرجى الأنصاري المرسي، الذي ينتمي نسبه إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة، وُلد الشيخ أبو العباس المرسي في عام 616 هـ (1219م) في بيئة دينية أعدته للزهد، تعلم وتلقى العهد على يد شيخه أبي الحسن الشاذلي، وأمضى معظم حياته في الإسكندرية، حيث عاش فيها لمدة ثلاث وأربعين سنة، حتى وفاته في الخامس والعشرين من ذي القعدة عام 686 هـ، ودُفن الشيخ أبو العباس في مقبرة باب البحر بالإسكندرية، حتى قام الشيخ زين الدين بن القطان، أحد كبار تجار المدينة، ببناء المسجد عليه في عام 706 هـ.
معمار المسجد:
يقع مسجد أبو العباس المرسي بالقرب من الميناء الشرقي في منطقة الأنفوشي، ويتميز بنمط معماري يعكس الطراز الأندلسي، يحتوي المسجد على أعمدة رخامية ونحاسية، بالإضافة إلى أعمدة مثمنة الشكل، ما يضيف جمالاً معماريًا مميزًا للمبنى.
أما الزخرفة، فهي تمزج بين الطرازين العربي والأندلسي، مما يبرز الطابع الفريد للمسجد، ويعلو القبة الغربية الضريح الذي يضم رفات الشيخ أبو العباس وولديه، مما يجعل المسجد وجهة روحانية وزيارية هامة في الإسكندرية.
تاريخ تجديدات المسجد:
مر المسجد بالعديد من عمليات الترميم والتجديد عبر العصور:
- عام 882 هـ (1477م): تعرض المسجد للإهمال، ليقوم الأمير قجماش الأسحاقي الظاهري، أثناء ولايته على الإسكندرية في عهد الملك الأشرف قايتباي، بإعادة بناء المسجد، حيث قام ببناء قبره بجوار ضريح الشيخ أبو العباس ودفن فيه في عام 892 هـ.
- عام 1005 هـ (1596م): قام الشيخ أبو العباس النسفي الخزرجي بتجديد بناء المسجد ليظل مهيبًا في وجه الزمن.
- عام 1179 هـ (1775م): قام الشيخ أبو الحسن علي بن علي المغربي بزيارة الإسكندرية واطلع على ضريح أبي العباس، ليشاهد ضيق المسجد ويشرف على تجديده، شملت التجديدات توسيع المسجد، وتجديد المقصورة والقبة.
- عام 1280 هـ (1863م): أصاب المسجد التهدم، وكان في حالة سيئة، فأخذ أحمد بك الدخاخني، شيخ طائفة البناءين بالإسكندرية، على عاتقه ترميم المسجد وتجديده، حيث قام بإجراء العديد من التوسعات ووقف على المسجد وقفا خاصًا.
التوسع في العصر الحديث:
في عام 1943م، قام الملك فؤاد الأول بإصدار أمر بإنشاء ميدان كبير يُطلق عليه “ميدان المساجد” يضم مسجد أبو العباس المرسي ومسجد الإمام البوصيري ومسجد الشيخ ياقوت العرش، وتم تكليف المهندس المعماري الإيطالي ماريو روسي بتصميم المسجد، وقد تم الانتهاء من البناء في نفس العام، ليُضاف بذلك طابع جديد لهذا المعلم التاريخي العريق.
جدير بالذكر ان مسجد أبو العباس المرسي سيظل واحدًا من أهم المعالم الدينية في الإسكندرية، ويمثل تاريخًا طويلًا من التغيير والترميم، ما بين العصور الإسلامية المختلفة وحتى العصر الحديث، بموقعه الاستراتيجي بالقرب من الميناء الشرقي وبتصميمه المعماري الفريد، يظل المسجد وجهة روحانية وسياحية هامة في المدينة، وجزءًا لا يتجزأ من تاريخها العريق.
للمزيد : تابع العربي للعدل والمساواة، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فسبوك وتويتر . .